خطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdf

رمضان شهر الكرم والجود والانتصارات ، خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير

رمضان شهر الكرم والجود والانتصارات ، خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 12 من رمضان 1440 هـ ، الموافق 17 مايو 2019م.

 

لتحميل خطبة الجمعة رمضان شهر الكرم والجود والانتصارات 10/5/2019 وعناصرها:

لتحميل خطبة الجمعة القادمة رمضان شهر الكرم والجود والانتصارات بصيغة word  أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة رمضان شهر الكرم والجود والانتصارات بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة رمضان شهر الكرم والجود والانتصارات كما يلي:

 

عناصر الخطبة رمضان شهر الكرم والجود والانتصارات  :

 العنصر الأول: رمضان شهر الكرم والجود

العنصر الثاني : نصائح ولطائف لأهل الكرم والجود في رمضان

العنصر الثالث: رمضان شهر الانتصارات

     المقدمة:                                                            أما بعد:

العنصر الأول: رمضان شهر الكرم والجود

عباد الله : إن شهر رمضان يمتاز بأنه شهر المواساة والتراحم والجود والكرم والتكافل بين المسلمين، حيث حثّ الإسلام على الصدقة في هذا الشهر توثيقا لرابطة المسلمين بعضهم مع بعض، وسدا لحاجة الفقراء والمساكين. فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا ” (أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح).

 فقوله صلى الله عليه وسلم “من فطّر صائما” أي أطعمه وسقاه عند إفطاره، وهذا فيه دعوة إلى الجود والكرم والمواساة.

ولهذا السبب نفسه ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَـلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ” (رواه البخاري ).

قال ابن رجب – رحمه الله تعالى -: “وكان جوده – صلى الله عليه وسلم – كله لله – عز وجل – وفي ابتغاء مرضاته؛ فإنه كان يبذل المال إما لفقير أو محتاج، أو ينفقه في سبيل الله، أو يتألَّفُ به على الإسلام مَن يقوى الإسلام بإسلامه… وكان يؤثر على نفسه وأهله وأولاده، فيعطي عطاءً يعجز عنه الملوك مثلُ كسرى وقيصر، ويعيش في نفسه عيش الفقراء، فيأتي عليه الشهرُ والشهران لا يُوقَدُ في بيته نار، وربما ربط على بطنه الحجر من الجوع. وكان قد أتاه – صلى الله عليه وسلم – سبيٌ مرة فشكت إليه فاطمةُ ما تلقى من خدمة البيت، وطلبت منه خادمًا يكفيها مؤنة بيتها، فأمرها أن تستعين بالتسبيح والتكبير والتحميد عند نومها وقال: ” لا أعطيك وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع”. [ جزء من حديث أخرجه أحمد والبخاري].

ومن فرط جوده وكرمه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يرد سائلاً ؛ مع شدة حاجته صلى الله عليه وسلم؛ ومع ذلك يؤثر غيره على نفسه! ؛ فَعَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

” أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا ، أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ ؟ , قَالُوا : الشَّمْلَةُ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَتْ : نَسَجْتُهَا بِيَدِي فَجِئْتُ لِأَكْسُوَكَهَا ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ فَحَسَّنَهَا فُلَانٌ , فَقَالَ : اكْسُنِيهَا مَا أَحْسَنَهَا ؟ , قَالَ : الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ، ثُمَّ سَأَلْتَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ ، قَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لِأَلْبَسَهُ إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي ؟ ” , قَالَ سَهْلٌ : فَكَانَتْ كَفَنَهُ .” ( البخاري ).

إن جود وكرم النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان ليدل دلالة واضحة على فضل وعظم الإنفاق والصدقات في شهر رمضان؛ ويظهر ذلك جلياً في تمني الميت الرجوع للدنيا مرة أخرى للتصدق؛ لما يرى من عظيم ثواب وأجر الصدقة والكرم والجود؛ قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} (المنافقون:10) فهنا قال الميت: (فَأَصَّدَّقَ) ولم يقل لأعتمر أو لأصلي أو لأصوم!! قال أهل العلم : ﻣﺎ ﺫﻛﺮ الميت ﺍﻟﺼﺪﻗﺔ إلا ﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﺎ ﺭﺃﻯ ﻣﻦ أثرها بعد موته”.

 فالمؤمن الكيس الفطن هو الذي يدخر صدقته لتنفعه في أُخراه ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:”يَقُولُ الْعَبْدُ مَالِي مَالِي!! وإِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلَاثٌ: مَا أَكَلَ فَأَفْنَى؛ أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى؛ أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى؛ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ” ( مسلم ).

 وعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَا بَقِيَ مِنْهَا؟ قَالَتْ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا. قَالَ :”بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا”(الترمذي).

 فأكثروا من الصدقة فإن المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته؛ وتصدقوا عن موتاكم فإن موتاكم يتمنون الرجوع للدنيا ليتصدقوا ويعملوا صالحاً فحققوا لهم أمنيتهم وعودوا أبناءكم على ذلك؛ تصدقوا فإن الله يجزي المتصدقين؛ ولو علم المتصدق حقّ العلم وتصور أن صدقته تقع في ( يد الله ) قبل يد الفقير ، لكانت لذّة المعطي .. أكبر من لذة الآخذ ..!

‏أيها المسلمون: إن من معاني الصيامِ العظيمةِ: إحساسَ الأغنياء بحاجة إخوانهم الفقراء فيسدوا حاجتهم، ويجودوا عليهم.

 سئل أحد السلف: “لمَ شرع الصيام”؟ قال:”ليذوق الغني طعم الجوع؛ فلا ينسى الجائع”. لذا كان كثير من السلف يواسون من إفطارهم، أو يؤثرون به ويجوعون.  وكان ابن عمر – رضي الله عنهما – يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين فإذا منعهم أهلهُ عنه لم يتعشَّ تلك الليلة؛ وكان إذا جاءَه سائلٌ وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام، وقام فأعطاه السائل، فيرجع وقد أكلَ أهله ما بقي في الجفنة؛ فيُصبحَ صائمًا ولم يأكل شيئًا.

واشتهى أحد الصالحين من السلف طعامًا، وكان صائمًا، فوضِع بين يديه عند فطوره فسمع سائلاً يقول: “من يقرض المليّ الوفيّ الغني”؟ فقال: “عبدُه المعدمُ من الحسنات”. فقام فأخذ الصحفة فخرج بها إليه وبات طاويًا! 

وجاء سائلٌ إلى الإمام أحمد فدفع إليه رغيفين، كان يُعدهما لفطره، ثم طوى وأصبح صائمًا.

فلله درُّ تلك النفوس ما أجودها وما أكرمها وما أسخاها! وما أشد إيثارها! وما أعظم رغبتها فيما عند مولاها!

 قال الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى -: “أُحِبُّ للرجلِ الزيادةَ بالجود في شهر رمضان اقتداءً برسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم”. [ لطائف المعارف].

فأين الأغنياء والموسرون؟! شهر الجود دونكم فجودوا جاد الله عليكم؛ {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20] .

العنصر الثاني : نصائح ولطائف لأهل الكرم والجود في رمضان

أحبتي في الله: أرسل إلي أهل الكرم والجود عدة نصائح وفوائد في صدقات رمضان ؛ تنفعكم في دنياكم وأخراكم:

النصيحة الأولى: أسرعوا بالصدقات فهي وقاية من النار:

 فَعَن عدي بن حَاتِم رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:” مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا سيكلمه الله لَيْسَ بَينه وَبَينه ترجمان؛ فَينْظر أَيمن مِنْهُ فَلَا يرى إِلَّا مَا قدم؛ فَينْظر أشأم مِنْهُ فَلَا يرى إِلَّا مَا قدم؛ فَينْظر بَين يَدَيْهِ فَلَا يرى إِلَّا النَّار تِلْقَاء وَجهه؛ فَاتَّقُوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة .” ( متفق عليه ).

 قال ابن حجر :” فيه الحث على الصدقة ؛ وفيه دليل على قبول الصدقة ولو قلت ، وقد قيدت في الحديث بالكسب الطيب ؛ وفيه دليل على قرب النار من أهل الموقف.” ( فتح الباري ).

النصيحة الثانية : أن الصدقة لا تنقص المال:

فكثير من الناس يظن أن الصدقة تنقص المال؛ وهذا نبيكم صلى الله عليه وسلم لا يقسم على شئ فهو صادق مصدق؛ ومع ذلك جاء عند هذا الحديث فأقسم تأكيداً ؛ فعَن أبي كبشةَ الأنماريِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” ثَلَاثٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ. فَأَمَّا الَّذِي أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ: فَإِنَّهُ مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً صَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ بِهَا عِزًّا وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ .”.( أحمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح). قال النووي رحمه الله: «ما نقصت صدقة من مال» : ” ذكروا فيه وجهين: أحدهما: معناه أنه يبارك فيه ويدفع عنه المضرّات، فينجبر نقص الصورة بالبركة الخفيّة، و هذا مدرك بالحسّ والعادة، والثاني: أنه وإن نقصت صورته، كان في الثواب المرتّب عليه جبر لنقصه، وزيادة إلى أضعاف كثيرة.” ( شرح النووي ).

النصيحة الثالثة: أنَّ الصدقة مطهرة لمالك:

فهي تخلصه من الدَّخن الذي يصيبه من جراء اللغو، والحلف، والكذب، والغفلة فقد كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يوصي التَّجار بقوله: ” يا معشر التجار، إنَّ هذا البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة “. [ أحمد والنسائي وابن ماجة].

النصيحة الرابعة: أن الصدقة شفاء من الأمراض العضوية:

 فمن كان مريضاً أو عنده مريض؛ فتصدق بنية الشفاء شفاه الله من مرضه بإذن الله؛ فعن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “داووا مرضاكم بالصدقة .” ( أبو داود في المراسيل والطبراني والبيهقي).

يقول ابن شقيق: سمعت ابن المبارك وسأله رجل: عن قرحةٍ خرجت في ركبته منذ سبع سنين، وقد عالجها بأنواع العلاج، وسأل الأطباء فلم ينتفع به، فقال: اذهب فأحفر بئرًا في مكان حاجة إلى الماء، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرأ ؛ فإذا أصابك مرض أو أحد من أهل بيتك فتصدق بنية الشفاء وستشفى بإذن الله تعالى .

النصيحة الخامسة: أن الصدقة تطفئ الخطايا والذنوب والمعاصي:  

فعَنْ كَعْبِ بن عُجْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِيءُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ”.( أحمد والطبراني والترمذي وصححه ).

وقوله:” والصدقة تطفىء الخطيئة ؛ من الإطفاء أي تذهبها وتمحو أثرها؛ أي: إذا كانت متعلقة بحق الله تعالى. وإذا كانت من حقوق العباد فتدفع تلك الحسنة إلى خصمه عوضا عن مظلمته.”( تحفة الأحوذي).

النصيحة السادسة: لا تستحقر صدقتك مهما قلت :

 فسارعوا إلى فعل الخيرات والصدقات في شهر البر والخيرات؛ ولا يستحقر أحدكم ما ينفقه حتى لو كان درهما ( جنيها واحدا ) فرب درهم سبق مائة ألف درهم.

 فعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:” سبق دِرْهَم مائَة ألف دِرْهَم. فَقَالَ رجل: وَكَيف ذَاك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: رجل لَهُ مَال كثير أَخذ من عرضه مائَة ألف دِرْهَم تصدق بهَا؛ وَرجل لَيْسَ لَهُ إِلَّا دِرْهَمَانِ فَأخذ أَحدهمَا فَتصدق بِهِ.” (النسائي وابن حبان والحاكم وصححه)؛ .

  قال اليافعي :” فإذا أخرج رجل من ماله مائة ألف وتصدق بها وأخرج آخر درهما واحدا من درهمين لا يملك غيرهما طيبة بها نفسه صار صاحب الدرهم الواحد أفضل من صاحب مائة ألف درهم . وقال في المطامح : فيه دليل على أن الصدقة من القليل أنفع وأفضل منها من الكثير : { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} ؛ والدرجات تتباين بحسب تباين المقاصد والأحوال والأعمال”. (فيض القدير للمناوي).

فبادر – أيها الحبيب – إلى الصدقات والخيرات في شهر الرحمات؛ وسارع إلى الصالحات , تنل البركات؛ وتستجاب منك الدعوات؛ وتفرج لك الكربات؛ وتنل المرضات من رب البريات؛ وتزود بالطاعة لتفرح بلقاء رب الأرض والسماوات !!!

العنصر الرابع: رمضان شهر الانتصارات

 عباد الله: إن شهر رمضان شهر الانتصارات ؛ فمع مرارة الجوع والعطش ؛ وشدة التعب والنصب ؛ ترتفع درجة التقوى لله ؛ ويضرع الجنود والمقاتلون إلى الله بالدعاء ؛ فيحققون النصر على الأعداء بأقوى سلاح فعال وهو الدعاء ؛ لأنهم في هذه الحال أقرب إلى الله عز وجل ؛ فهذه غزوة بدر الكبرى أعظم المعارك والمواجهات يترك حبيبنا صلى الله عليه وسلم الصفوف ويتوجه إلى ربه متضرعا مبتهلا داعيا سائلا واقفا على أعتابه لائذا ببابه!!!

فعن عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ:

لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: «اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ»، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ:

{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [ الأنفال: 9] فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ، قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ، فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ، وَشُقَّ وَجْهُهُ، كَضَرْبَةِ السَّوْطِ؛ فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ، فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «صَدَقْتَ، ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ»، فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ ” ( مسلم ) .

وحين رأى رسول الله جند قريش قال: “اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تحادك وتكذب رسولك، اللهم أحنهم الغداة” ( السيرة النبوية لابن هشام ). فكان النصر حليف المسلمين؛ ثم كثرت الفتوحات في رمضان نتيجة الدعاء والإخلاص والتقوى الذي لازم هؤلاء الفاتحين؛ ففي رمضان من السنة الثامنة من الهجرة كان فتح مكة ؛ ففتح الله لرسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- القلوب بنزول القرآن في رمضان، وفتح له مكة التوحيد بالجهاد في رمضان، وفي هذه الغزوة انتصر الإيمان، وعلا القرآن، وفاز حزب الرحمن، ودحر الطغيان، وكسرت الأوثان، وخاب حزب الشيطان.

وفي رمضان أيضاً عام (658هـ).

كانت معركة عين جالوت التي أعز الله فيها المسلمين بقيادة الملك المظفر قطز، الذي لجأ إلى الله بالدعاء والتضرع؛ يقول ابن كثير في البداية والنهاية يصف القائد قطز: “ولمَّا رأى عصائب التتار، قال للأمراء والجيوش: لا تقاتلوهم حتَّى تزول الشمس وتفيء الظلال وتهب الرياح، ويدعو لنا الخطباء في صلاتهم”. واستجاب الله دعاءه وهزم المغول ووقعوا بين يديه ما بين قتيل وجريح وأسير، بل وقع بين يديه قائد المغول فقتله تنكيلاً به، جزاء إجرامه في قتل المسلمين.

ومما يدلّ على أنَّ النصر يُستنزل بالدعاء ما قاله أسد بن عبدالله القسري أمير خراسان في قتاله للفرس: “إنَّه بلغني أنَّ العبد أقرب ما يكون إلى الله إذا وضع جبهته لله، وإنِّي نازل وواضع جبهتي، فادعوا الله، واسجدوا لربكم، وأخلصوا له الدعاء، ففعلوا، ثمَّ رفعوا رؤوسهم، وهم لا يشكُّون في الفتح”.

وهكذا كان عقبة بن نافع في غزواته في فتح بلاد المغرب وغيرها، فقد كان مستجاب الدعوة، وكان يتوجه إلى الله بالدعاء عند الشروع في معاركه، ويصادم العدو في شجاعة مذهلة، كما ذكره عنه أهل السير، ثمَّ يكتب الله له النصر المبين.

ويقول القاضي ابن شدَّاد: “وكان صلاح الدين إذا سمع أنَّ العدو قد داهم المسلمين خرَّ إلى الأرض ساجدًا لله، داعيًا بهذا الدعاء: اللهم قد انقطعت أسبابي الأرضية في نصرة دينك، ولم يبق إلا الإخلاد إليك، والاعتصام بحبلك، والاعتماد على فضلك، أنت حسبي ونعم الوكيل” ويقول: “ورأيته ساجدًا ودموعه تتقاطر على شيبته ثمَّ على سجَّادته، ولا أسمع ما يقول، ولم ينقض ذلك اليوم إلاّ ويأتيه أخبار النصر على الأعداء، وكان أبدًا يقصد بوقفاته الجمع، لاسيما أوقات صلاة الجمعة تبركاً بدعاء الخطباء على المنابر، فربما كانت أقرب إلى الاستجابة”.

وليس حرب العاشر من رمضان؛ السادس من أكتوبر عام 1973م مع الكيان الصهيوني عنا ببعيد؛ فكانت كلمة الله أكبر الله أكبر مدوية تزلزل صفوف العدو؛ وتهز أرض المعركة؛ حتى كان النصر حليف المسلمين؛؛؛؛؛؛

هؤلاء القوم الشجعان عرفوا أن الله معهم وهو وحده يعز من يشاء ويذل من يشاء، وينصر من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وأن الملك له وحده يهبه لمن يشاء، ويمنعه وينزعه ممن يشاء، فلجأوا إليه وحده واعتمدوا عليه وسألوه أن ينصرهم فاستجاب لهم لما رأى صدقهم وإخلاصهم، ومكّن لهم وأعزهم ونصرهم…فأين نحن من هؤلاء ؟!

لهذا كان الدعاء في الغزو مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً مع المجاهدين في أرض المعركة، وقد بوَّب الإمام الترمذي في جامعه (باب في الدعاء إذا غزا) وأورد تحته ما رواه أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ إذا غزا قال:” اللهم أنت عضدي وأنت نصيري وبك أقاتل” ( الترمذي).

اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين ؛ وأعل بفضلك كلمة الحق والدين ؛ اللهم أعط منفقاً خلفاً ؛ وأعط ممسكاً تلفاً .

الدعاء،،،،،،،                                             وأقم الصلاة،،،،،

كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

د / خالد بدير بدوي

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »